الأحد، 29 أغسطس 2010

قصة أشهر وراق للكتب والمخطوطات في الرياض إبان عهد الملك عبد العزيز




بين معارض اليوم ومكتبات الأمس

(حنيشل بن عبد الله الحنيشل 1313هـ -1389هـ)

أحمد الحنيشل أبو ثابت
 أحمد بن عبدالله الحنيشل
    للكتاب رواجه في مختلف العصور والبلدان والأزمنة رغم الصعوبات المتعددة وحجم المسافات البعيدة التي يقطعها لتصل إلى يد القارىء رغم بعض الظروف التي يواجهها.
وفى كل مدينة حكاية للكتاب ومكتباتها ولكل كتاب غاية، يتعطش لها العلماء والأدباء، والبلغاء تصنعها يد المؤلف وينشرها المهرة من النساخ والباعة فتجول في كل مدينة وقرية.
وإذا كان للرياض سوقها الذي تروج فيه الكتب منذ قديم الزمان فقد وصلت في ما بعد منتصف القرن الرابع عشر الهجري أوجها وازدهارها يتوشح ذلك الطمأنينة للبلاد والسكينة للعباد بعد توحيد الوطن على يد باني نهضتها الحديثة الملك عبد العزيز طيب الله ثراه، حيث بدأت المكتبات تنتشر في هذه المدينة وكان من أوائل هؤلاء الذين أسهموا في هذا الحراك الثقافي والديني فتى اسمه حنيشل الحنيشل فما قصته ؟ إليكم الحكاية وسرد أخباره إلى النهاية.
اسمه وشيء عن نشأته وأسرته.
هو حنيشل بن عبد الله بن عبد العزيز بن عبدالرحمن الحنيشل الدعمي الخالدي ولد في مدينة بريدة بمنطقة القصيم في العقد الثاني من القرن الهجري الماضي عام1313ه تقريبا. أمُّه رقية العثمان الخضير الفوزان السابق نشأ في بريدة في قبة رشيد بالمجلس في منزل والده "عبد الله" وتربى في كنفه وكانت طفولته في عصر مضطرب يضطرم بنيران الفتن والخلافات فلم يكن قد التم شمل الجزيرة بعد، فالحالة السياسية والاقتصادية شغلت أكثر الناس عن طلب العلم بالانشغال بأسباب معيشتهم، دخل مدارس الكتاتيب المنتشرة في ذلك الوقت حيث التحق بمدرسة المربي صالح الصقعبي رحمه الله تعلم القراءة والكتابة ثم حفظ القرآن حتى إذا وصل للسن السابعة عشرة من عمره حج والده في سنة 1330هـ تقريبا وفي عودته من مكة بنهاية جبال الحجاز وقرب سهول نجد من طريق حاج جنوب العراق سقط من ناقته فمات فصلى عليه رفاقه ودفنوه في مكانه فلما وصلت القافلة إلى بريدة جاء ابنه حنيشل ليستقبل والده فسأل مقدمهم عن والده فتعلل له بأنه مريض وهو في مؤخرة القافلة فبدأ يسأل حتى جاءه الخبر بوفاة والده. كان نحيل الجسم طويلاً يميل إلى السمرة طويل الوجه ذا لحية خفيفة بيضاء متوسط القامة ضعيف البنية يشكو من الربو وكان متلثما كثيرا بالشماغ خوفا من الغبار، سريعاً في كلماته حاداً في نظراته وكان مستمعا متكلما سمحا إذا جلس متوسط في التعامل، كان يقوم الليل هو وزوجته كثيرا وكان صاحب فكاهة ودعابة مع الحدة في بعض الأمور عندما يكون الأمر يستدعي الاهتمام. رزقه الله بأبناء وبنات وأول ما رزق من الأبناء عبدالله لكنه توفي صغيرا وبه يكنى ثم رزق بسبع بنات ثم بعبد العزيز ثم عبدالله ثم صالح ثم إبراهيم لكن صالح وإبراهيم توفوا صغاراً في الرياض وله زوجتان.
طلبه للعلم ومشائخه:
بدأ بطلب العلم منذ صغره وقد تعلم على يد ابن رزقان والوهيبي في الكتاتيب "وأخذ عن عامة علماء بلده فأخذ عن الشيخ إبراهيم بن حمد الجاسر قاضي بريدة وعنيزة في العقدين الثاني والثالث من القرن الهجري المنصرم ولازم حلقته التي كانت تعقد في مسجد ناصر جنوب جامع بريدة الكبير حتى عدّ من تلاميذه ثم رحل إلى الكويت وأخذ عن عالمها الشيخ عبدالله بن خلف الدحيان ولازمه مدة وكان بينهما صحبة ومداعبة. لم يطل مقام حنيشل في الكويت حيث عاد إلى بريدة والتحق رغم كبر سنه بحلقة الشيخ عبدالله بن محمد بن حميد عندما تولى قضاء بريدة سنة 1363ه. ودرس على عدّة مشايخ ومنهم الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ وعبد الله بن حميد وعمر بن حسن آل الشيخ وعبدالعزيز بن باز وعبدالله بن خلف الدحيان (عالم الكويت)وابن سليم وإبراهيم بن حمد الجاسر قاضي بريدة وعنيزة.والشيخ عبد الله بن عقيل حفظه الله رئيس مجلس القضاء الأعلى سابقا.
أعماله قبل إنشائه المكتبة:
مارس مهنة البيع والشراء في أول أمره في بريده في قبة رشيد في آخر المجلس يبيع فيها الأرزاق...الخ.يجلس فيه غالب نهاره وعمل بالفلاحة ومارس إمامة بعض المساجد في بريدة وعند القدوم للرياض مارس أول عمل له في محلة المقيبرة في البيع والشراء
ثم عمل مدرسا عند مدرسه ابن سليم وكان راتبه جنيه ذهب وقام بالتدرّيس عام 1368ه في أول مدرسة ابتدائية نظامية افتتحت في الرياض المدرسة الأهلية بالبطحاء ويدرس ماده القرآن وكان مديرها آنذاك الشيخ عبدالله بن إبراهيم السليم المتوفى سنة 1416ه لكنه بقي في التدريس أشهراً ثم استقال لأسباب خاصة واتجه للبيع والشراء في الأقمشة النسائية بقيصريه الأصمخ والسوق الطويل تحت قصر الحكم "الصفاقات" وعمل بها حوالي ست سنوات من 66هجرية حتى 72هجرية وخلال ذلك كان يكتب عزائم بالزعفران ويقرأ على المرضى بالرقى الشرعيةكما سافر للكويت لطلب الرزق والتجارة وبقي مدة طويلة.مدرّس حلقات وإمام مسجد في الكويت (وكان محبوبا لدى الكويتيين الذين يعرفهم).
انتقاله للرياض:
تعود قصه أنتقالة إلى الرياض بقصة طريفة مختصرها بأن الناس قديماً كانوا يتعزبون في البر للاستئناس ولجمع الأعلاف لمواشيهم فذهب حنيشل مرة للشرق وكان الربيع قليلا فرجع إلى الغرب فيقال انه صادفه شخص وقال "أحد يبقل وأحد يتمنى الشنينة حنا عاجزين نطلع من باب الجردة وحنيشل ياما راح للشرق ياما راح للغرب" فيقال انه عين من هذا الرجل فمرض مرضا أقعده في البيت ولم يكن هناك أطباء فأشار عليه أخوه عبدالرحمن بالذهاب إلى الرياض وأن يأخذ معه ابنه عبدالعزيز للعلاج هناك فقام بتسجيل أسمائهم في المواصلات وطلبوا منهم انتظار اكتمال الركاب فلما جاء الوقت أتوا بدابة وأركبوه عليها لإيصاله للسيارة فلما تجاوزوا الباب الشرقي لبريدة "الدروازة" استعاد مباشرة صحته فرجع لبيته، فلما دخل الدروازة عاد إليه مرضه فعرف أنها عين فذهب إلى الرياض عام 1366ه وعالج في مستشفى الانجاوي في نهاية شارع الثميري وسكن عند أخيه محمد وكان إذا أراد زيارة بريدة لا يدخلها وإنما يبقى حواليها في الخبوب.
وبعد علاجه وكان مريضا بالربو نظر في أسواق الرياض في بيعها وشرائها فأعجبه أن يأتي بأهله إلى الرياض وينخرط في أعمال التجارة في الرياض وفعلا نفذ هذه الفكرة حيث أحضر أهله في عام 1367ه وسكنوا بدخنة ثم معكال ثم البطحاء ثم مزرعة الحمود قريباً من نخل الريس وفتح دكانا لبيع الأقمشة واستمر فيه حتى عام 1375ه وفي تلك السنة حول نشاطه إلى بيع الكتب.
المكتبة وقصة تأسيسها واختيار اسمها:
كان حنيشل رحمه الله طالباً للعلم وطلبه للعلم وحبه له ومعرفته بالكتب ومؤلفيها وطبعاتها واتصاله بالعلماء وطلاب العلم وحرصه على القراءة والمطالعة مع براعته في حبك الكتب وتجليدها والاعتناء بها كان له أعظم الأثر في توجهه لهذا العمل ففي عام 1375ه قرر فتح المكتبة وهنا يروي الأستاذ إبراهيم بن عبدالعزيز المعارك ويقول - أرجو الله أن يرحم والدي ووالدك والشيخ عمر والمسلمين أجمعين -هذه رواية عن والدي عبدالعزيز المعارك إمام مسجد البرقية وقتها يقول فيها: ان الشيخ حنيشل وصل إلى الرياض من فتره طويلة وقد جاء من بريدة معدما وقال إن أحواله المادية تحتاج إلى مساندة وانه من الورّاقين ويقوم بحبك وتجليد المصاحف والكتب ويبيعها إضافة لهوايته في القراءة والاقتناء لكنه لايملك من المال ما يسد رمقه علاوة على ما ينمّي هوايته تلك فأخذته إلى فضيلة الشيخ عمر بن حسن آل الشيخ رئيس هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالرياض آنذاك وشرحت له حالته ورغبته في العمل بدكان تختص بالوراقة وقلت إن هذا رجل عابد زاهد ويرغب تسليفه 1800ريال ليفتح محلاً فأعطاه الشيخ عمر المبلغ، وفعلا بدأ عمله وفتح الدكان المذكور في الزاوية الغربية الشمالية من دخنة وبدأ بحبك وبيع الكتب وعمل بذلك وبعد ثلاث سنوات كانت أموره متيسرة واستطاع أن يجمع مبلغاً لا بأس به ورأى أن يرد 3000ريال على أساس أن هذه البضاعة قد ربحت، فذهب معي إلى الشيخ عمر وبعد أن شكره على مساعدته له سلّم له المبلغ فرفض الشيخ عمر استلام المبلغ بدعوى أنه قدمه له كمساعدة وليس كقرض أو بضاعة فأصر الأول على ردها وعندما لم يتمكن من إقناعه تركها الشيخ عمر للشيخ عبدالعزيز المعارك ليقدمها لشخص آخر محتاج لها مثل(حنيشل) سابقا. أ ه.
"مكتبة التسهيل" هذا اسم المكتبة التي لم تسمّ به إلا قبل وفاته بأيام حيث كانت طول تلك الفترة الماضية بدون اسم تقع هذه المكتبة في شارع دخنه شرق قصر الحكم حالياً وكان الدكان مبنياً من الطين والغبار يملؤه كثيراً علما أنه يتعبه جداً وكانت الحشرات والفئران تؤذيه. كان حنيشل رحمه الله يركز في مكتبته على الكتب القيّمة وغير الموجودة في الرياض وكان في بداية الأمر يجمع الكتب من هنا وهناك داخل الرياض ثم اتجه لمصر والشام ولبنان وممن تعامل معه في بيروت مطابع الساقية ودار الكتاب العربي، وتردد على هذه الدول كثيراً وأصبح يستورد الكتب منها ويقوم أحياناً بالتوصية وأحياناً يطلب طباعتها على حسابه، وكان يجلس ما يقارب الشهر هناك وجلس مرة في لبنان مدة سنة للبحث عن الكتب وبعض العلماء وكذلك في مصر وكانت كتب مصر تأتي عن طريق البحر أما الشام ولبنان فعن طريق البر، وترسل دور النشر الطرود بصناديق خشب وكان يرسلها على مكتب صالح الجربوع رحمه الله بدمشق ثم يشحنها إلى الرياض. كان يعمل بالمخطوطات وكان يشترى الكتب المستعملة والمكتبات الموروثة حتى اشتهرت المكتبة وكثر روادها وجلّهم من العلماء والأدباء وطلاب العلم وأهل المعرفة وكان رحمه الله يعيش يومه بين المجلدات ويقضي ساعاته بتقليب الصفحات فهذا كتاب حديث وآخر في الفقه وكتاب في الأدب أو الشعر ومجموعة في التاريخ والسير، استمر رحمه الله في هذا العمل وقضى فيه بقية حياته حتى وافته المنية في شهر شعبان من عام 1389ه فيكون عمله في هذه المكتبة أربع عشرة سنة في الفترة "1375ه - 1389ه".
كان يوزع الكتب على بعض المكتبات في الرياض ومنها مكتبة الرشد "استمر في المكتبة لمدة طويلة ولكنه لم يجد مساعدا له في العمل إلا أن الأخ عبدالعزيز الصالح الرشودي جلس معه مدة طويلة وعمل معه في المكتبة واستعان بصبي يماني ينظف الكتب" وكان يتعامل مع حباكين في الرياض والشام لحباكة الكتب للزبائن وكان يصفّ الكتب قبل حياكتها ولا يتكلف في البيع مع الزبون. وكان يحتفظ بالكتب في المكتبة، والفائض من الكتب يتم تخزينه في البيت ويرصّ رصّاً بصناديق خشب. طلبت منه وزارة الإعلام تصريحا للمكتبة في آخر حياته فقال لهم ماذا تريدون مني ؟، أنا لا أبيع إلا المسموح به!! فقالوا هذا لا يضرك مجرد روتين ولا هناك خسارة عليك لا مال ولا تعب فتعاون المسئول (مدير المطبوعات) مع الوالد لاستخراج الرخصة وفعلاً ذهب الوالد لهم وقدّم الأوراق واختار الاسم وهو "مكتبة التسهيل" فقالوا له اذهب وراجعنا بعد عدة أيام لاستلام الرخصة لكنه توفي ولم يستلم الرخصة.
وآخر ما استورده كمية من الكتب فشحن سيارة كاملة بمبلغ 60.000ريال من بيروت، فجاءت الإرسالية فنزلت بالباخرة في جدة واتصلوا بنا بالرياض بعد وفاته وأفادوا أنه وصلت كتب ولا بد من فسح للكتب لترخيصها من الميناء يقول العم عبدالعزيز فأخذت البيان لإدارة المطبوعات بالوزارة لفسح الكتب فقال لي أحدهم أين حنيشل ؟؟ له عندنا رخصة فتح مكتبة لم يستلمها!! فقلت له انه يطلبك الحل فاسترجع وتفاجأ بذلك... ويقول العم عبدالعزيز لم نأخذ رخصة المكتبة تلك لأننا لم نكن نرغب في إكمال العمل فيها للأسف، ثم أمر أحد الموظفين بسرعة استخراج فسح لهذه الكتب، فقال له الموظف تحتاج هذه الكتب لمدة طويلة لفرزها والاستعلام عنها ثم فسحها.. لكنه قال له على مسئوليتي أعطه الفسح فذلك الرجل رحمه الله لا يأتي منه إلا الخير ولا يأتي إلا بكتب معروفة ومفسوحة فأعطاه الفسح، هذه كانت آخر البضاعة وردت للمكتبة.
وكان يقصده في مكتبته كثير من طلبة العلم والعلماء لشراء الكتب ومنهم على سبيل المثال: الشيخ عبدالرحمن بن محمد بن عساكر المسئول عن طلبة العلم في الرياض منذ الستينات الهجرية حتى وفاته عام 1380ه. والشيخ صالح بن محمد اللحيدان حفظه الله (رئيس مجلس القضاء الأعلى حالياً).والشيخ عبد العزيز بن عبدالله آل الشيخ حفظه الله (مفتي عام المملكة حالياً). وسويلم بن محمد السويلم وكان يعمل مع الشيخ محمد بن إبراهيم (مفتي عام المملكة) رحمه الله.وا لشيخ زهير الشاويش حفظه الله (المحقق المعروف وصاحب المكتب الإسلامي في بيروت). والشيخ سعد بن عبدالله الجنيدل المؤرخ والجغرافي المعروف رحمه الله
و الشيخ إبراهيم بن محمد بن عثمان رحمه الله وقد حدثني تلميذه الأخ راشد بن عساكر بأنة اقتنى منه نسخة قديمة وهى تفسير ابي السعود الطبعة الأولي.كما أنة اقتنى عدداً من الكتب النادرة التي لاتزال باقية لديه حيث يحتفظ بها في مكتبته والتي أهداها ورثته إلى جامعة الأمام محمد بن سعود الإسلامية بعد وفاته رحمه الله وكان دائماً ما يثني عليه. وممن يرد مكتبته الشيخ محمد بن عبداللطيف، والضبيعي وكان طالب علم عبدالمحسن ابابطين (صاحب المكتبة الأهلية)وسعد بن قاسم وقال عنه (انه صاحب مكتبة نادرة) وابن مترك (يعمل في الحرم المكي) وابن إدريس (الأديب) وعبدالرحمن المعتق رحمه الله وكان هذا ممن يجمع الكتب، وغيرهم الكثير.
وبحكم عمل الوالد حنيشل في المكتبة وسفره لتلك البلاد للاستيراد وعلاقاته مع طلبة العلم والعلماء كانوا يستفيدون منه في مراسلاتهم لبعض ومن ذلك ما يذكر الأستاذ راشد بن محمد بن عساكر أنه كانت هناك مراسلات للشيخ إبراهيم بن عيسى رحمه الله مع الشيخ عبدالله بن خلف الدحيان في الكويت وكانت المراسلات عن طريق حنيشل غفر الله له. كما أنه وجد مجموعة من المخطوطات عليها تملكات لحنيشل ومن خط يده الجميل. وبعد وفاة الوالد حنيشل رحمه الله اتفق الورثة على بيع المكتبة يقول العم عبدالعزيز: أخذت وكالة شفهية من الورثة على أن أقوم بالتصرف بالمكتبة فذهبت لفتح الدكان لبيعه بأي شكل من الأشكال جملة أو تجزئة وطبعاً ليس عندي خلفية بالأسعار ولا غيره. ومن حسن الحظ جاءني الشيخ صالح اللحيدان وكان وقتها رئيس المحكمة بالرياض فسلم عليّ وعرّفني بنفسه وسألني من أكون فعرفته بنفسي فقال وش النية ؟؟ فقلت له لا أدري فأشار عليّ أن يقوم الشيخ بنفسه بعمل دعاية لبيع المكتبة ويوزعها على المعاهد والمحاكم والمشايخ..الخ ويقام مزاد علني عليها في ساحة البيع بدخنة محل المحاكم حالياً وأخبرني أن هؤلاء المشايخ إذا أرادوا الشراء منك سيطالبونك بالوكالة فلذلك تأتيني غداً ومعك شهود اثنين لعمل الوكالة فأعجبني ذلك وأغلقت المكتبة وأشار عليّ أن أبحث عن شخص يقوم بالحراج على هذه الكتب وقال إن أردتم أن يكون البيع بطريقة الحراج على نسخة معينة وتباع بقية النسخ على هذا السعر أو بالحراج على كل نسخة على حدة وفعلاً اتفقنا مع دلاّل اسمه قويفل رحمة الله عليه واستعنت بالأخ عبدالعزيز الرشودي حيث أنه كان عنده معلومات عن المكتبة ولازم الوالد حنيشل مدة، فاجتمع الناس والذين لهم اهتمام في هذا المجال حتى من خارج الرياض أيضاً فبعنا بطريقة الحراج الأولى ولكنهم أصبحوا لا يزيدون لأنهم سيأخذون نسخة بنفس سعر الحراج لكن فطنا لذلك وأصبحنا نبيع كل نسخة بحراج مستقل ثم ذهبت أن وأتى أخي عبدالله لإكمال البيع، ويشير العم عبدالعزيز أنه لم يكن أحد في الرياض في ذلك الوقت إلا واشترى من المكتبة لا طالب علم ولا غيره ويقول انه أيضا في ذلك الوقت كان هناك رغبة من الناس في شراء الكتب حتى كانت ظاهرة منتشرة. وكان حنيشل هو الوحيد تقريبا الذي يشتري ما يعرض للبيع من تلك الكتب، هذا وقد أكد لي الأستاذ المؤرخ عبدالرحمن بن سليمان الرويشد عند مقابلته في مكتب بدار الشبل مؤخرا، من أنه يعرف (حنيشل)جيدا وحدد مكانه، وأضاف أن باب دكانه كان مجمعاً لبعض طلبة العلم، وذكر بعض الأسماء ومنهم الشيخ سويلم بن محمد السويلم الذي يعمل مع سماحة الشيخ محمد بن إبراهيم مفتي المملكة وقتها وذكر أنه كان من المداومين على الجلوس معه في أوقات فراغه، كما أن الأستاذ محمد بن عبدالعزيز القويعي ذكر أنه في نهاية السبعينات الهجرية وبعد وفاته قد عرضت مكتبته أو دكانه بشارع الشيخ (محمد بن عبدالوهاب) بدخنة للبيع وأنها قد ضمت لمحتويات المكتبة السعودية والتي كانت تقع في الزاوية الجنوبية الشرقية من مسجد الشيخ محمد بن إبراهيم - قبل إزالتها -
ومن لقاء مع سعد بن عبدالله الجنيدل رحمه الله المؤرخ والجغرافي المعروف ليلة الأحد الموافق 1427/1/26ه في منزله بحي السويدي يقول: لم يكن لدى حنيشل أحد يساعده وإذا طلبت منه الكتاب ذهب ليحضره ونفض عنه الغبار ويمسحه بكمه ثم يأخذ في مدح هذا الكتاب حتى يبالغ في سعره، حضرت مرة وكنت أريد تاريخ الجبرتي وهو غير متوفر وكنا نقوم بتوصية البعض لإحضار الكتب من مصر فهي لاتوجد في المملكة إلا بالمشقة وكنت طالب علم وأنا صغير السن وأبي كان تاجراً وكنت أحضر للرياض لشراء البضائع وشراء بعض الكتب لي، فقالوا لا تجد هذا الكتاب (تاريخ الجبرتي) إلا عند حنيشل وكان مطبوعا على شبه أجزاء في مجلة الشعب المصرية قريباً من عشرة أجزاء -طبع مجلة- وموضوع في مجلد واحد ولكنه شدد عليّ في السعر وحاولت معه ولكن بدون فائدة وفي الأخير رضخت واشتريته بما يريد وأخذت منه كتبا أخرى بنفس الطريقة. ويقول أيضا الظاهر أنه كان يديّن طلبة العلم ويصبر عليهم في سداد قيمة الكتب، ويذكر أيضا أن في ذلك الوقت لم تكن الأمور كما تشاهدونها الآن ولا على ما تتخيلونها فتجد بعض البلدان والقرى أحيانا لا يوجد بها كتاب واحد إلا إذا كان إمام المسجد لديه كتاب رياض الصالحين يقرأ به بعد صلاة العصر...انتهى.
ويقول عنه د. محمد بن عبدالرحمن الربيِّع رئيس النادي الأدبي بالرياض سابقاً:
ومن المكتبات التي نالت شهرة خاصة مكتبة (حنيشل) في شارع (دخنة) وقد تميزت بوفرة الكتب الشرعية وبخاصة (النادر منها).وكان صاحبها الشيخ (حنيشل بن عبدالله الحنيشل) يستقبل فيها الكبار من العلماء أو طلاب العلم من كلية الشريعة واللغة العربية. وعندما عرفت المكتبة ابتداءً من عام (1381ه) كنت صغير السن طالباً في (معهد الرياض العلمي) وكانت في طريقي اليومي وأنا ذاهب من منزلنا في (معكال) إلى دكان الوالد رحمه الله في (سوق السدرة) مروراً بشارع (دخنه) حيث المكتبة وكان صاحب المكتبة شيخاً كبيراً مهيباً يتعامل مع الكبار وكان ينظر إلينا على أننا صغار على الكتب التراثية وربما رأى أنه من الاحترام لتلك الكتب ألاّ نمسها أو ننظر إليها نحن الصغار ولذلك لم يكن يأبه بسؤالنا عن الكتب وربما قال: الكتاب غير موجود وربما ردّ علينا بشيء من القسوة ولم يكن ذلك عن سوء طوية أو احتقار لكنه ظن بنا العبث وعدم الجدية في السؤال حتى جاء يوم سألته عن كتاب من كتب التراث فأراد أن يختبرني فقال وماذا تعرف عن هذا الكتاب يا ولد أو (يا ورع) نسيت العبارة الآن فقلت له إنه كتاب يبحث في كذا وكذا فأعجبه الجواب ولذا غيَّر لغة الخطاب معي وابتسم وابتعت منه الكتاب وربما خصم لي من سعره الزهيد ولم يعد إلى لهجته الصارمة بعد ذلك.
ونقل الأستاذ راشد بن محمد بن عساكر في جريدة الرياض الجمعة 13شعبان 1424ه العدد 12894السنة 3أن الشيخ زهير الشاويش اقتنى أعدادا من المخطوطات من الجد حنيشل وذكر منها "نسخة في صيام يوم الشك: للشيخ عبدالرحمن بن حسن آل الشيخ وهي رسالة رد بها على الشيخ عثمان بن منصور. ثم سؤالات أخرى وإجابات الشيخ عبدالرحمن كالتحذير من التكفير. ورسالة لعبدالله أبا بطين وفيها اختصارات لكتب الإمام ابن القيم. ورسالة من حسن بن حسين إلى الشيخ حسن العجيري وغيره من الرسائل. وهذه النسخة بخط الشيخ والكاتب المشهور عبدالله بن عبدالرحمن الربيعي المتوفى في نهاية الستينات من القرن الماضي والذي كان كاتباً للشيخ محمد بن عبداللطيف وهذه النسخة كتب الشيخ زهير عليها (من كتب الرياض) حيث سألت الشيخ زهير عنها فقال: (انه اشتراها مع مجموعة كبيرة من الرياض من دكان في منطقة دخنة من شخص اسمه حنيشل..) وذلك في السنة الأولى لقدومه للرياض سنة 1375ه. قلت: وحنيشل هو ممن زاول مهنة بيع الكتب فيما بعد الخمسينات الهجرية من القرن الماضي مع غيره من الوراقين في الرياض."
ومن رسالة شخصية من فضيلة الشيخ زهير الشاويش المحقق والمؤلف المعروف وصاحب المكتب الإسلامي للنشر في رسالة بعث بها إلي بتاريخ 28/شوال/1426ه يقول حفظه الله: والعجيب أنني تملكت عدداً من كتب السادة الحنابلة، وفيها بعض كتب شيخ الإسلام أحمد بن تيمية، والشيخ الإمام محمد بن عبدالوهاب -رحمهم الله-، وأكثر ذلك من مكتبة كانت في الرياض لصاحبها الشيخ حنيشل بن عبدالله الخالدي، في منطقة دخنة قرب الجامع الكبير سنة 1376ه - 1956م، وهي أول مكتبة رأيتها في الرياض. انتهى
قال عنه الشيخ عبدالله بن عبدالعزيز بن عقيل رئيس مجلس القضاء الأعلى سابقا: حنيشل كان جاراً لي في عام 1385ه وقرأ عليّ كتاب الشيخ ابن معمر "مختصر نظم ابن عبدالقوي" مقابلة ويقول كان حنيشل سمحاً غير مستعجل، طالب علم ويقول ابن عقيل ان لديه كتاباً عليه تعليق بسيط عن حنيشل "انه قرأ معه كتاب مختصر نظم ابن عبدالقوي" السابق الذكر.
طرائف: مع الوالد عبدالله:
قول الوالد عبدالله أذكر مرة أنه وصلت كتب للوالد حنيشل بصناديق خشب والجمارك فتحت هذه الصناديق لمعاينتها وكنت أنا أتابع المعاملة فطلب المعاين نسخة من الكتب "من الصندوق" لعرضها على وزارة الإعلام لإجازتها فأعطيته أحد الكتب ولم أعلم أنني أعطيته جزءا من كتاب كامل- وتركته عنده وقفلت راجعاً إلى الرياض وبعد وصولي للرياض وبعد خمسة أشهر تقريباً ذكر لي الوالد حنيشل أن النسخة الفلانية ناقصة كتاب.. أين هو ؟ فتذكرت وقلت له انني أعطيته لموظف الجمارك وتركته عنده فقال: هداك الله لقد أفسدت علينا نسخة كاملة!! قصته مع الشيخ عبدالله الخلف العالم الكويتي المعروف: في إحدى رحلاته للكويت وبعد وصوله للكويت قابل شيخه عبدالله بن خلف الدحيان ولما رآه من بعيد رحّب به وقال الأمان يا أبا عبدالله (الشيخ يشير إلى مدلول اسم حنيشل) فرد عليه: لك الأمان يا شيخ عبدالله إلا على (مرقوقة) أم محمد...
وفاته: توفي رحمه الله في الرياض في شعبان عام 1389ه وله من العمر ستة وسبعون عاماً.
http://www.alriyadh.com/2007/03/02/article229086.html
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ


الحنيشل في حديثه ل«الرياض»:

أتمنى ظهور الإعلانات المبوبة بشكل يومي

 
كتب - عبدالرحمن القرني:
    التقت «الرياض» بالفائز فراس فهد الحنيشل الحاصل على الجائزة الرابعة ومقدارها عشرة آلاف ريال في الجولة الثانية من مسابقة «الرياض» الكبرى والذي حضر برفقة ابن عمته أحمد النصّار إلى مقر الجريدة.
وذكر أنه استقبل خبر الفوز بفرحة مميزة لأنه لم يتوقع الفوز بسبب كثرة أعداد المشاركين في المسابقة، فبالرغم من استمراره في الاشتراك في جميع الجولات لمدة سنتين إلا أنه لم ييأس وظل مشاركاً حتى وإن لم يكتب له الفوز.
ومن جانب آخر ذكر الحنيشل أن كل جولة من جولات المسابقة تسجل باسم أحد أفراد العائلة. وجاء الفوز من نصيبه، علماً بأن الأسرة تطلق عليه (محظوظ العائلة) لكثرة فوزه في المسابقات المختلفة.
وبيّن فراس أن مبلغ الجائزة سوف يصرف جزءاً منه على الهدايا للأقارب والباقي سوف يكون تحت تصرفه ولم يفكر في صرفه في مجال محدد حتى الآن.
وذكر أنه متابع للجريدة منذ صغره ولم يشك في مصداقية «الرياض» لأنها صحيفة ناجحة ورائدة في المجال الصحفي. وقال إن الصفحة الأولى هي أكثر ما يشده بالاضافة إلى الكاريكاتيرات وصفحات «دنيا الرياضة». وتمنى أن تنشر الإعلانات المبوبة يومياً بدل يومي الخميس والجمعة لأنها ذات فائدة كبيرة للمتابعين.

هناك 4 تعليقات:

  1. رحمهـ اللهـ واسكنهـ فسيح جناتهـ ..فقد كان فخرا لأسرتنا الكريمهـ..
    جزيتم خيرا..

    ردحذف
  2. جزاكم الله خيرا على مجهودكم المبارك سلمت اياديكم ودمتم

    ردحذف
  3. جزاك الله خير ياأبوثابت على هالمجهود الرائع (النادر)
    الصراحة انك خليتنا نفتخر بموروثنا ونستعز بشبابناالقادم
    كما نعتذر عن تقصيرنا الغير مقصود

    ردحذف
  4. كلمة حق تقال في ابو ثابت وابو طلال وكل من قام بإنشاء الموقع وادارته وإضافة المعلومات وجمعها في هذا الموقع او المواقع السابقه

    ردحذف